Speech Given By President Gamal Abdel Nasser In Tripoli Libya Celebrating The Evacuation Of American Forces From The Oqba Bin Nafea Base

Gamal Abdel Nasser and Muammar al-Qaddafi
22/06/1970

أيها الإخوة:

فى أواخر شهر ديسمبر من العام الماضى التقيت بكم هنا فى هذا المكان، وكنت أنظر إلى وجوهكم جميعاً وأرى فى وجه كل واحد منكم الفرحة بثورة أول سبتمبر.

اليوم نلتقى مرة أخرى بعدما يقرب من ستة أشهر بعد اللقاء الأول لأرى فرحتكم أكبر بجلاء القوات الأجنبية عن أرض الجمهورية العربية الليبية.

أيها الإخوة:

حينما وصلنا من القاهرة أول أمس إلى بلدكم الحر الثائر رأينا فعلاً هذه البوادر الجديدة وهذه البشائر عندما بدأت طائرتنا فى الهبوط فى مطار عقبة بن نافع، ورأيت – أيها الإخوة – عشرات الألوف من أبناء الشعب الليبى الثائر البطل يفرشون فى القاعدة.. القاعدة الليبية الحرة.. القاعدة التى أعادتها الثورة، ورأيت من الطائرة العلم الليبى بالألوان الثلاث يرفرف على سوارى هذه القاعدة العربية الكريمة.

رأيت – أيها الإخوة – قبل أن ننزل إلى الأرض.. رأيت من سمائكم الثورة ورأيت الحرية، وحينما نزلنا من الطائرة ونظرت إلى وجوهكم – أنتم إخوتنا أبناء الشعب الليبى – رأيت الفرحة أكبر مما كانت فى ديسمبر الماضى، ورأيت العزيمة أقوى ورأيت الإصرار.. الإصرار على السير فى النصر، وحينما التقيت بأخى معمر القذافى وإخوانى أعضاء مجلس قيادة الثورة، وكنت أقول له لقد حققت ما وعدت به الشعب الليبى حينما أعلنت الثورة فى أول سبتمبر، وصممت على جلاء القواعد الأجنبية من أرض الوطن، واليوم قد جلت القواعد الأجنبية من أرض الوطن، واليوم قد جلت القوات الأجنبية من أرض الوطن.

أيها الإخوة:

لقد حقق القذافى وإخوته الأبطال والضباط الوحدويين الأحرار والقوات المسلحة طليعة الشعب المناضل المقاتل، ما أردتم أن تحققوه منذ سنوات طويلة. قال أخى القذافى إليكم اليوم: إن الاستعمار طعننا طعنات متكررة، وأنا حينما كنت أنزل فى هذه القاعدة كنت أذكر الأيام الخوالى فى سنة ١٩٥٦ حينما تعرضنا للعدوان الثلاثى، وحينما هب الشعب الليبى البطل المناضل، وهاجم القواعد وهو بدون سلاح، كان يعبر هذا الشعب الليبى البطل عن إرادته الحرة.. عن إرادته الثائرة.. عن إرادته الكريمة التى تمثلت فى ثورة سبتمبر بقيادة أخى معمر القذافى وأعضاء مجلس قيادة الثورة.

أيها الإخوة:

حينما نزلت أول أمس فى القاعدة العربية قاعدة بن نافع تذكرت سنة ٥٦، تذكرت الذين قتلوا من أبناء الشعب الليبى وهم يهاجمون القواعد التى كانت تهاجمنا منها الطائرات البريطانية، تذكرت الذين جرحوا وتذكرت الذين سجنوا، وقلت إن الشعب الليبى ناضل نضالاً طويلاً وانتصر اليوم فحق له أن يفرح بنصره، وحق له أن يأمل فى المستقبل، وحق له أن يتأكد من أن أهدافه كلها لابد أن تتحقق.

أيها الإخوة:

بعد هذا.. بعد عدوان ٥٦ وبعد هبة الشعب الليبى وثورته وغضبه أعلنت أمريكا وأعلنت بريطانيا أنها على استعداد للتفاوض من أجل الجلاء عن القواعد، ثم بدأت المفاوضات، ثم انتهت المفاوضات واستمرت القواعد فى الأرض الليبية العربية.

وبعد هذا – أيها الإخوة – قام الشعب الليبى مرة أخرى ثائراً غاضباً ضد القواعد الإنجليزية والقواعد الأمريكية التى كان يشعر أنها تدنس أرض الوطن، وأنها تستخدم للعدوان ضد الأمة العربية وأنها تستخدم لمعاونة إسرائيل ضد أعداء إسرائيل، ضد العرب الذين تعرضوا لعدوان إسرائيل، وضد شعب فلسطين الذى تعرض للطرد بواسطة إسرائيل، وأمريكا التى أيدت إسرائيل، هب الشعب العربى الليبى البطل المناضل مرة أخرى وأعلن أنه لابد من إجلاء القواعد عن أرض الوطن، وبعد هذا أعلنت أمريكا وأعلنت بريطانيا أنهما على استعداد للتفاوض، وبدأت المفاوضات وانتهت المفاوضات وبقيت القواعد الأجنبية تدنس أرض الوطن.

وفى سنة ١٩٦٧ حينما تعرضنا للعدوان الإسرائيلى الذى ساندته الولايات المتحدة الأمريكية قام الشعب الليبى البطل بغضبة وثورة ضد القواعد الأجنبية، وقام الجيش الليبى البطل أيضاً بثورة من أجل أن يقاتل وثارت الوحدات الليبية من القوات المسلحة وعبرت الحدود المصرية ووصلت إلينا بعض العربات من القوات المسلحة الليبية إلى القاهرة وفيها جنود من أبناء هذا الشعب البطل المكافح المناضل.. إن نضال هذا الشعب استمر طويلاً.

وأول أمس استمعت من قائد القوات الجوية وهو يخطب ونحن فى احتفال قاعدة بن نافع وقال إنهم فى ٥ يونيو لم يتمكنوا أبداً من أن يسيروا أمورهم فى القاعدة الأمريكية – قاعدة “هويلس” – وإنهم اختلفوا اختلافاً كبيراً مع القوات الأمريكية، وإنهم صمموا على مراقبة القوات الأمريكية، ولما رفضت القوات الأمريكية قال قائد القوات الجوية أول أمس إنهم تركوا القاعدة وذهبوا إلى مطار طرابلس الدولى.

هذا – أيها الإخوة – هو تاريخ نضالكم وهذا – أيها الإخوة – هو تاريخ كفاحكم، وأنا أشعر بسعادة كبيرة ويشعر معى شعب مصر.. إخوتكم من شعب مصر بهذه السعادة، ونحن نراكم اليوم وقد حققتم الأمل، لقد حققتم الأمل.
أيها الإخوة:

حينما خرج منكم هؤلاء الأبطال بقيادة الأخ العقيد معمر القذافى ليضحوا بالأرواح ويضحوا بالنفيس والغالى ويضحوا بكل شىء من أجل الحرية التى تكلم عنها اليوم الأخ معمر القذافى، وقد كنت أشعر بسعادة غامرة وأنا أستمع إليه وهو يقول لقد حققنا الحرية، نعم – أيها الإخوة – لقد حققتم الحرية، وحققتم لهذا الشعب كرامته وأعدتم لهذا الشعب شرفه.

إن كفاحكم كان كفاحاً طويلاً وحق لكم اليوم – أيها الإخوة – أن تشعروا بالنصر وأن تشعروا بفرحة النصر، وحق لكم – أيها الإخوة – أن تقولوا للأخ معمر القذافى إننا نشكرك أنت وأخوتك الذين خرجتم فى أول سبتمبر لتقودونا.

خرجتم كطلائع لهذه الأمة المناضلة .. لهذه الأمة الباسلة وهذه الأمة المكافحة، خرجتم لتضحوا بأنفسكم فى سبيل الحرية.. إما الموت وإما الحرية. واليوم قال لكم أخى معمر القذافى إن الحرية قد تحققت وأنه يسعى إلى آمال كبار؛ إلى ثورة زراعية وإلى ثورة صناعية وإلى الكفاية والعدل، وإلى تحقيق مستوى مرتفع من المعيشة للجميع. كنت أستمع إلى أخى معمر القذافى وهو يقول هذا القول وأنا أشعر فى قرارة نفسى أنه سيحقق كل هذه الآمال؛ لأن هذه الأمة المناضلة المكافحة أمة عمر المختار التى ناضلت على مر الزمن وعلى مر التاريخ لابد أن ننتصر.. لابد أن تنتصر، قد يطول الكفاح، وقد يطول العمل، وقد يطول الجهاد، وقد يطول البناء، ولكن أمة عقدت العزم على أن تحقق الأهداف الكبرى لها وللأجيال القادمة من بعدها لابد أن تنتصر، أمة تولى قيادتها هؤلاء الأبرار، هؤلاء الأبطال الذين أشهد بنقاوة قلوبهم والذين أشعر أنهم قد وهبوا كل حياتهم لا لشعب ليبيا فقط ولكن للأمة العربية كلها.

من أجل هذا – أيها الإخوة – فعلاً نشعر بالقوة نشعر بالقوة الكبرى، وقد قال أخى معمر القذافى اليوم أن عبد الناصر يزداد قوة، نعم – يا أخى – إننا نزداد قوة بكم وبهذه الأمة وبهذا الشعب العربى الثائر، إننا نزداد قوة بهذا الشعب الذى صمم على الصمود حينما توالت علينا الهزائم بعد ٥ يونيو، وحينما أعلنا وقف إطلاق النار وحينما أعلنت التنحى فى يوم ٩ و١٠ خرج هذا الشعب يرفض الهزيمة ويصمم على الصمود ويصمم على التحرير.

إننى – أيها الأخ معمر – حينما أشعر بالقوة إنما أستمد قوتى من قوتكم، أستمد قوتى من قوة الأحرار أمثال معمر القذافى، ومن قوة الشعب العربى الحر أمثالكم الذين يتواجدون هنا اليوم فى هذا الميدان من قوة إخوانكم فى القاهرة، من قوة إخوانكم فى الأمة العربية. إننا بهذا – أيها الإخوة – استطعنا أن نتغلب على النكسة، وقد قلت لأخى معمر القذافى إننا فى يوم ٨ يونيو بعد العدوان فقدنا قواتنا المسلحة فى صحراء سيناء ولم يكن عندنا فى هذا اليوم إلا ٥٠٠٠ جندى، واستطعنا بهذه الأسلحة القليلة أن نحتل بورفؤاد وأن نحافظ عليها فى الضفة الشرقية للقنال، وصممنا على أن نبنى قواتنا المسلحة مرة أخرى.

واليوم – أيها الإخوة – أقول لكم إن لكم إخوة فى مصر بنوا قوات مسلحة تزيد عن نصف مليون جندى من أجل معركة العروبة، من أجل معركة القومية لا من أجل معركة إقليمية.

أيها الإخوة:

إننا كما قال أخى معمر القذافى أعلنا أننا نصادق من يصادقنا ونعادى من يعادينا، وفى الأيام الصعبة وفى أيام الأزمات نعرف من هم الأصدقاء ونعرف من هم الأعداء. وفى ٥ يونيو حينما تعرضنا للعدوان الإسرائيلى كانت أمريكا قد أعلنت أنها تقف ضد العدوان وضد أى تغيير فى المناطق والحدود الموجودة فى هذه المنطقة، ولكن حينما انتصرت إسرائيل، تناست أمريكا كلية هذا الإعلان وهذا القول. وحينما ذهبت الدول إلى مجلس الأمن لتنادى بإيقاف القتال وانسحاب القوات المعتدية إلى الحدود التى كانت فيها قبل بدء القتال، وافقت جميع الدول إلا الولايات المتحدة الأمريكية، وافقت على إيقاف القتال ولكنها لم توافق أبداً على انسحاب إسرائيل إلى الخطوط الى كانت فيها قبل العدوان، ونحن بهذا نطبق أننا نعادى من يعادينا ونصادق من يصادقنا.

لقد عادتنا الولايات المتحدة الأمريكية ونحن أعلنا معاداتنا للولايات المتحدة الأمريكية، وقطعنا علاقاتنا السياسية مع الولايات المتحدة الأمريكية.

أيها الإخوة:

وبعد أن تعرضنا للهزيمة، وبعد أن فقدنا الأسلحة التى كانت ملكاً لقواتنا المسلحة، وبعد أن أعلنت التنحى، وبعد أن صمم الشعب العربى فى الجمهورية العربية المتحدة على رفض الهزيمة، تلقيت رسالة من قادة الاتحاد السوفيتى وقعها الرئيس “برجنيف” والرئيس “كوسيجين” والرئيس “بودجورنى”، وقالوا لى فى هذه الرسالة: إن الاتحاد السوفيتى كصديق للأمة العربية يتعهد بأن يعيد تسليح قواتكم كما كانت قبل ٥ يونيو بدون مقابل حتى تستمروا فى النضال، وحتى تستمروا فى الكفاح.

إننا – أيها الإخوة – إننا نصادق من يصادقنا ونعادى من يعادينا، وحينما نصادق من يصادقنا، وحينما نمد يدنا إلى من يصادقنا أقول لكم إن الاتحاد السوفيتى سلحنا، ثم أمدنا بالمزيد من السلاح، ثم أمدنا بالمزيد من السلاح بدون شرط واحد.. لم يطلب منا شرط واحد، وأنا أقول لكم إننا لم ندفع ثمن هذا السلاح حتى الآن، ولكنا أخذنا هذا السلاح على أقساط ندفعها من سنة ١٩٧١ على عشر سنوات بفائدة مخفضة.

هذه – أيها الإخوة – هى الصداقة التى مدت يدها لنا واستطعنا بهذا أن نعيد تسليح قواتنا المسلحة. إننا أعلناها فى ٥ يونيو.. إننا أعلناها بعد هزيمة يونيو أنها مرحلة للبناء ومرحلة للصمود، واستطاع أخوتكم فى مصر رغم المصاعب التى تعرضنا لها أن يسيروا فى مرحلة الصمود.

قد هجرنا نصف مليون مواطن من منطقة القنال إلى داخل الأرض المصرية لأنهم كانوا فى مدى القنابل الإسرائيلية، هجرنا المدنيين الذين كانوا يتعرضون للقتل بواسطة إسرائيل ولم تكن أمريكا تحتج أبداً على إسرائيل وإسرائيل تقتل المدنيين.

إننا – أيها الإخوة – سرنا فى معركة الصمود حتى استطعنا أن نبنى قواتنا المسلحة، بعد هذا انتقلنا من مرحلة الصمود إلى مرحلة الردع ورفضنا وقف إطلاق النار وقلنا إنها معركة حتى النهاية.

ونحن نقول إننا بعد مرحلة الردع لابد أن ننطلق إلى مرحلة التحرير.. تحرير الأرض العربية المغتصبة كلها.. الأرض التى تنادى الأمة العربية بأنها لابد أن تتحرر من الاحتلال ومن العدوان وإعادة حق الشعب العربى الفلسطينى فى وطنه.

إنها – أيها الإخوة – إنها ليست معركة إقليمية؛ إنها معركة قومية، فقد قال أخى معمر القذافى منذ شهر قبل أن يخرج إلى جولته إنه سيعمل بكل جهده من أجل الرسالة العربية التى آمن بها وهى رسالة الوحدة العربية ورسالة القومية العربية.

وعلى هذا الأساس فلابد أن تكون المعركة معركة قومية.

إننا نؤيد الأخ القذافى ونؤيد القيادة.. مجلس قيادة الثورة فى كل الجهود التى ساروا فيها من أجل حشد جهود الأمة العربية فى هذه المعركة القومية.

أيها الإخوة:

إننا فى مصر نقاتل باستمرار، إن إخوتكم فى جبهة القناة يتعرضون لغارات جوية يومياً تبلغ ١٥٠ طيارة أو ١٨٠ طيارة، هذه الطائرات هى صناعة أمريكية طائرات “الفانتوم” وطائرات “السكاى هوك” هذه الطائرات لم تكن عند إسرائيل قبل العدوان، ولكن إسرائيل استلمتها من الولايات المتحدة الأمريكية سنة ١٩٦٩.. ماذا يعنى هذا؟ يعنى أن الولايات المتحدة الأمريكية تؤيد إسرائيل فى أن تفرض شروطها على الأمة العربية، وإذا لم تقبل الأمة العربية هذه الشروط فإن “الفانتوم” و”السكاى هوك” الأمريكية ستدك المصانع وستدك المنازل وستدك كل شىء، ولكنا قلنا رغم هذا إننا لن نوقف إطلاق النار وسنستمر فى معركتنا ولو دمروا بيوتنا.. ولو دمروا مصانعنا.

أيها الإخوة:

إن الجمهورية العربية المتحدة فى سنة ١٩٦٧ كانت ميزانيتها للقوات المسلحة ١٦٧ مليون جنيه، وهذا العام ميزانية القوات المسلحة فى الجمهورية العربية المتحدة هى ٥٥٠ مليون جنيه.

لقد قبل إخوتكم فى الجمهورية العربية المتحدة أن يتقبلوا بكل هذا، وأن يدفعوا كل هذا من أجل المعركة.. معركة الأمة العربية.

لقد قالوا لنا إنهم على استعداد… قالت أمريكا إن إسرائيل على استعداد أن تجلو عن سيناء وعن كل الأرض المصرية على أن نتجاهل كلية القدس والضفة الغربية وهضبة الجولان، وقلنا لهم إن الإنسحاب من القدس والضفة الغربية وهضبة الجولان يجب أن يكون قبل الإنسحاب من سيناء لأن هذه المعركة هى معركة قومية عربية.

أيها الإخوة:

إننى سأترككم غداً وأنا أشعر بقوة جديدة ودم جديد وأشعر بالأمة العربية منكم وقد عبرت عن ثورتها، وقد عبرت عن عزيمتها، وقد عبرت عن تصميمها، وأنا أشعر أن أخى معمر القذافى هو الأمين على القومية العربية وعلى الثورة العربية وعلى الوحدة العربية.

أيها الإخوة:

دمتم للأمة العربية ودامت انتصاراتكم؛ فإن انتصاراتكم هى انتصارات الأمة العربية. والله يوفقكم.

والسلام عليكم ورحمة الله.

Listen to this part 58 : 24 : 00 Part 1