ستاذ أحمد أمبارك الشاطر
” الذكرى السادسة لإرتقاء نخبة شهداء الوطن ، وليس لموت الوطن كما يقول اليائسون “
هذا يوم أكبر من كل الكلمات وأكبر من كل الأشعَار وأكبر من كل القصص والحكايات ،
والله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ،
الله أكبر فوق كيد المعتدي ، والله للمظلوم خير موئد ، جيش الأعادي جاء يبغي مصرعي ، بالّحق سوف أردّه وبمدفعي ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر فوق كيد المعتدي ،
هذا يوم يذكّرنا ببدر وأحد والخندق وحطّين واليرموك والقادسيّة ، يذكّرنا بالقادة العرب المسلمين فرسان الفتح المبين ، ويذكّرنا بالصابرين الثابتين المخلصين الأوفياء الّذين ” صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ، وما بدّلوا تبديلا ” يذكّرنا بأن الشهداء أحياء ” ولا تحسبنَّ الّذين قُتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربّهم يرزقون ” ، يذكّرنا بالأبطال الشرفاء الصناديد الذين أقبلوا وما أدبروا وثبتوا وما أرتعشوا وواجهوا وما جبنوا وأقدموا وما هربوا ولا سابقت أرجلهم الريح نحو الفيافي والحدود ، يذكّرنا بأجدادنا المجاهدين البررة الذين لم يدفعوا الميري للمحتلَّين الأتراك ولم يرضخوا للإحتلال الإيطالي الفاشستي ، ولم يخدموا أدلّة وبصّاصين وعملاء عند الأعداء ،
هذا يوم أجتمعت فيه كل قوى البغي والشرّ والطغيان والإحتلال والإستعمار والصهيونيّة والإمبرياليّة والرجعيّة الجربيّة ومجموعات الخيانات المحليّة وبيادق النيتو وجحافله ومرتزقته والبائعين الدار والديار للعار والشنار ليقضوا على قيادة تاريخيّة ومعها كوكبة من فرسان ليبيا العربيّة المسلمة الذين قاوموهم ثمانية أشهر متواصلة من القصف والدمار والتدمير والتخريب والهدم أستخدم فيها حلف الطغاة والبغاة النيتو أحدث وأفتك وأخطر الأسلحة والصواريخ والقنابل المشعّة والغازيّة واليورانيوم المنضّب ولم يترك النيتو وسيلة للقتل والتدمير في ليبيا إلّا وقام بها ، ومن على الأرض كانت مجاميع المغرّر بهم والخونة والجواسيس تدكّ ما يبقيه النيتو وتمشّط الأرزاق والمؤسّسات وتقوم بمهمّة التصوير ليكون ما حصل موثّقاً للتاريخ وللإثبات وللتحقيق وللعدالة ولكل شيء ،
هذا يوم تاريخي خالد ومشهود على أرض سرت الرباط الأمامي ، وفي معركة سرت التاريخيّة الكبرى ، بلاط الشهداء ومدينة الصمود ،
هذا يوم إستشهد فيه أول قائد وزعيم ورئيس عربي على أرض المعركة وهو قائدها في تاريخ العرب الحديث ، ألا وهو ؛
القائد والزعيم التاريخي البطل العقيد معمّر القذّافي ، القائد الأعلى للقوّات المسلّحة العربيّة الليبيّة وشعبها المسلّح ، وقائد ثورة الفاتح من سبتمبر التاريخية 1969/9/1م
وأستشهد فيه أول قائد عام لجيش عربي هو الجيش العربي الليبي ، ألا وهو الفريق أول أركان حرب البطل ابوبكر يونس جابر ، القائد العام للقوّات المسلّحة العربيّة الليبيّة ، أمين اللجنة العامة المؤقّتة للدفاع ،
وللتذكير وإنصافاً للأبطال والشهداء والتاريخ فإن أول وزير حربيّة عربي إستشهد على أرض المعركة هو البطل يوسف العظمة ، وزير الحربيّة العربي السوري في مواجهة جيوش الإحتلال الفرنسي لسوريا ، في معركة ميسلون الخالدة على مشارف دمشق عام 1952م
وأستشهد في معركة سرت التاريخيّة ، اللواء المعتصم بالله معمّر القذافي ، مستشار الأمن القومي وقائد جبهة البريقة الصامدة في مواجهة حلف النيتو الإستعماري ،
وأستشهد البطل المهندس عزالدين الهنشيري الترهوني ، آمر فصيل الحرس الخاص للقائد معمّر القذافي ،
وأستشهد فيه البطل المهندس إبراهيم علي إبراهيم القحصي القذافي ، أمين المجلس الأعلى للتخطيط بالجماهيرية العظمى آنذاك ، وأستشهد معه نجله البطل الشاب منصور إبراهيم علي إبراهيم القحصي القذافي ، وتم أسر نجله الأكبر البطل خالد إبراهيم علي ، وأسر شقيقه البطل ، فرج علي إبراهيم ، الّلذان تمّ إطلاق سراحهما بعد خمسة سنوات من الأسر والإعتقال،
وتم جرح وأسر البطل اللواء منصور ضوء القحصي القذافي ، آمر الحرس الشعبي بالجماهيريّة العظمى ، ولا زال في الأسر والإعتقال ،
وتم أسر البطل الأستاذ أحمد إبراهيم منصور القحصي القذافي ، الأمين المساعد لمؤتمر الشعب العام ، وأمين اللجنة الشعبيّة العامّة للتعليم ، والإعلام والثقافة والتعبئة الجماهيريّة ، السابق ، ولا زال في الأسر والإعتقال ،
وتم أسر نجلي الفريق أول ركن ابوبكر يونس جابر ، يونس وجابر ، وتمّ إطلاق سراحهما بعد خمسة سنوات من الأسر والإعتقال ، وأبطال آخرون في هذه المعركة القويّة ، لا زالوا في الأسر والمعتقلات ،
وأستشهد في هذه المعركة التاريخيّة الكبرى 159شهيداً ، وتم أسر تسعة أبطالاً صناديد ، وسجّل مفقودان ، والعدد الإجمالي للشهداء والأسرى والمفقودين 170 ، من مختلف مدن ومناطق وقبائل ليبيا ” القذاذفة ، المجابرة ، ورفلة ، المقارحة ، ترهونة ، المشاشية ، العجيلات ، الخمس ، المنّفى ، الزاوية ، التوارق ، تاورغاء ، العمامرة ، الشرفه ، الزوايد ، ككلة ، الحسون ، معدان ، اولاد سليمان ، الفرجان ، الزياينة ، ورشفانة ، الربايع ، الحساونة ، قماطة ، الجميل ” رحمهم الله جميعاً رحمة واسعة وغفر لهم وغسل أجسادهم الطاهرة بماء وثلج وبرد وأسكنهم فسيح الجِنَان وجنّة الرضوان ، وشافى وعافى الجرحى والمصابين ، وأطلق سراح المعتقلين والأسرى وفرّج عنهم ، وأرجع المفقودين لأهلهم وذويهم سالمين ،
هذا يوم للمجد والشموخ والعنفوان والبطولة والشجاعة والبسالة والوطنيّة والعروبة والإسلام والتضحية والفداء وأعلى مراتب الحياة الدنيا لنيل مرتبة الحياة عند الله بعد الموت ، ألا وهي ؛
” الشهادة والإستشهاد ” ،
هذا يوم للفخر والإفتخار وهو ذروة أيام مواجهات شعبنا وجيشنا للإحتلال والإستعمار والخونة والعملاء والجواسيس في ملحمة متواصلة من الصمود والتضحيات الجِسام الّتي لا ترتقي إليها شخوص الفّارين ولا الهاربين الّذين كان أولى بهم أن يستشهدوا مع قائدهم وقيادتهم خاصّة أولئك الّذين كانوا لايفارقون ظل الزعيم والقائد ، والذين كانوا مكلّفين بحراسته وحمايته فحموا أنفسهم وأطلقوا أرجلهم للريح وياله من ريح ! ، والّذين عاشوا في كنفه وفي محيط دائرة تقديره وإحترامه وثقته مسؤلين ومتنفّذين وأمناء غير أمناء وحاشية وطابور خامس وطوابير خلفه وقبله لم تستشهد ولم تستبسل ولم تكن إلى جوار قيادتها الّتي أبعدت عنها الناس والجماهير ثم تركتها وهربت وبئس الهاربين ،
قرأت تعليقات بعض الرعاديد والجبناء واللا ليبيّين ولا عرب ولا مسلمين وهم يتشفّون ويهرقون صديد عقولهم النخرة على الصفحات ، ولا ضرر ولا ضرار فهم جميعاً من طينة الخونة والجواسيس وبقايا الخوارج والمتصهينين والفرحين بهزيمة العرب والمسلمين في ليبيا وغيرها ، وقد كانوا يصفّقون وتزغرد إناثهم على قصف النيتو لليبيّين وقتلهم وتدمير بيوتهم في شهر رمضان الكريم وفي الأشهر الحُرم وغير الحُرم ،
ومع القياس بكل فارق وحفظ المقامات ومراتب الصحابة الاطهار الميامين والخلفاء الراشدين والمؤمنين والصالحين ، فإنّني أذكّر بإستشهاد وموت سادة الشهداء وأفضل خلق الله بعد رسله وأنبيائه ، والمبشّرين بالّجنّة ، فمن ينسى مّنّا اليوم ، سيّدنا حمزة إبن عبد المطّلب ، أسد الإسلام وإستشهاده في معركة أحد ، وقصّة تمزيق بطنه وأكل كبده من قبل هند بنت عتبة وذلك الحبشي الّذي رغم إسلامه في ما بعد مات هائماً على وجهه في الصحراء ، وسيّدنا عمر إبن الخطّاب الفاروق لعدله والذي أغتاله أبو لؤلوة المجوسي بخنجره المسموم وهو يصلّي الفجر ساجداً لله تعالى ، ومن ينسى مِنّا كيف قتل الخوارج والمجرمين سيّدنا عثمان بن عفّان ذي النورين صهر رسول الله الكريم والمتزوج من بنتي الرسول سيّدنا محمد صلّى الله عليه وآله وصحبه وسلّم ، قتلوه ضرباً بمعاول الحديد والخناجر والسيوف وقطعوا إصبع زوجته وتهكّموا عليها وحاصروا داره اربعين يوماً ومنعوا عنه وعنها ماء الشرب ، ومنعوا حتّى دفن جثمانه في مقبرة البقيع ، ومن مّنّا ينسى إغتيال المجرم عبدالرحمن بن ملجم وهو من الخوارج أيضاً لسيدنا علي بن أبي طالب بسيف مسموم في الكوفة وهو راكباً على بغلته وذاهباً لصلاة الفجر ، ومن مِنّا ينسى حادثة إغتيال سيّدنا الحسين بن علي إبن أبي طالب سبط وحفيد رسول الله عليه الصلاة والسلام وإبن بنته فاطمة الزهراء ، رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين ، سيّدنا الحسين تم ضربه بالنبال وتم ذبحه وقصّ رأسه الشريف وأحضر من موقعة كربلاء بالعراق على رمح إلى دمشق في عصر خلافة اليزيد بن معاوية بن أبي سفيان إبن هند بنت عتبة الّتي أمرت ذلك العبد الحبشي بشقّ بطن سيّدنا حمزة بن عبدالمطلب ، أسد الإسلام وعم رسول الله عليه الصلاة والسلام ، في معركة أحد ، ومَن مِنّا ينسى حادثة قتل وصلب سيّدنا عبدالله إبن الزبير إبن السيّدة أسماء بنت سيّدنا أبي بكر الصدّيق خليفة رسول الله ، وقد قتله الحجّاج بن يوسف الثقفي وقطع رأسه وحمله إلى دمشق عاصمة الدولة الأمويّة وصلب جثمانه في مكّة المكرّمة ، إلى أن دخلت السيّدة أسماء على الحجّاج وقالت قولتها الشهيرة ” لا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها ، وأما آن لهذا الفارس أن يترجّل ” وحوادث ومصائب وخيانات وغدر وجوسسة وعمالات عديدة وكثيرة هدّت وهدّمت أركان دول إسلاميّة وعربيّة كبرى ، وحصلت عبر تاريخنا العربي والإسلامي ، ولم تنل من قامات وهامات ومواقع وأهميّة وشجاعة ونبل وصدق وبطولة وتضحية من تم قتلهم وإستشهادهم وموتهم ، بل خُلّدوا في التاريخ إلى يومنا هذا وسيظلّوا خالدين إلى يوم يبعثون ،
هذا يوم للتفكّر والتدبّر وإختيار المواقع ورص الصفوف وشحذ الهمم من أجل الوطن ، وإعلاء كلمة الله الفصل في كل شيء وكلمة الله هي العليا لأنها الّحق الذي يعلو ولا يُعلى عليه ،
فالمشوار طويل والدرب شاق والإستحقاقات كثيرة والمطالب أكثر والحقوق تُرّد لأصحابها ولو بعد حين ، فلا تهنوا ولا تهونوا ولا تهادنوا عدوّاً من أجل مصلحة أو بيع أو تفريط ، ولا تتركوا الوطن للضباع والثعالب والغادرين ولو تقاذفتكم أسنّة الرماح دونه ، ومن يترك وطنه يعش أبد الدهر بين الشتات وبين الحُفر ، ولا تنتظروا كذوباً أو لِصّاً سارقاً هارباً خائفاً خائباً جباناً أن يسترجع لكم وطنكم فالسرّاق والهاربين يضعون الوطن في بطونهم لا في عيونهم وفي جيوبهم لا في قلوبهم ، وفي العيون السحريّة لحساباتهم لا بين رموشهم وأهدابهم ،
سلام على الشهداء الكرام النبلاء الأبطال الذين أرتقت أرواحهم إلى بارئها في هذا اليوم وفي أي يوم ، وسلام على الجرحى الّذين عطّروا ثرى الأرض الطيّبة بدمائهم العطرة الزكيّة الطاهرة ، وسلام على المفقودين ، وسلام على الأسرى والمعتقلين الّذين نعوا الله تعالى ليلاً ونهاراً أن يفكّ قيدهم ويطلق سراحهم ، وسلام على الثابتين الصابرين المرابطين المحتسبين ، والسلام على من أحب الوطن .